تقف الأحرف الحزينة مذهولة تجاه حدث جلل هز أوساط الأدب العربي والإفريقي والعالمي قبل السوداني... برحيل الأديب الطيب صالح الأشهر في تاربخ الروائيين السودانيين خصوصا بروايته الواسعة الصيت (موسم الهجرة إلى الشمال) التي اختيرت ضمن أفضل مئة رواية في التاريخ الإنساني...
توفي الراحل عن 80 عاما..
وصف الراحل الكبير بأنه كان من أكثر الكتاب العرب اهتماماً بالثقافة بمستوياتها المتعددة وبصلتها بموضوعي التراث والمعاصرة، بل لعله كان عبر تنقله في العالم ومن خلال عمله في منظمة اليونسكو الأكثر التصاقاً بماهية الثقافة الغربية، تلك التي كان يرى ولد الطيب صالح عام 1929 في اقليم مروى شمال السودان، قرب قرية دبة الفقراء، وهي احدى قرى قبيلة الركابية التي ينتمي إليها وأمضى فيها مطلع حياته وطفولته.
انتقل إلى الخرطوم لاكمال دراسته فحصل على البكالوريوس في العلوم من جامعتها، سافر إلى بريطانيا ليواصل دراسته مغيراً تخصصه من العلوم إلى الشؤون الدولية.
عاد صالح إلى السودان بعد استقالته من ال “بي بي سي” التي عمل فيها لفترة طويلة في القسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية ثم انتقل إلى دولة قطر وعمل في وزارة الاعلام وبعد ذلك كمدير اقليمي بمنظمة اليونسكو في باريس.
من أقوالــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه:
أنا ليس لي علاقة بالسياسة، ولا انتمي إلى أي حزب، ولا أحسب على أي اتجاه، غاية ما في الأمر، أن هناك من يفكرون في أن في الأدب سياسة، ومن هذا الباب فقط، يمكن القول إن في “ادبي” سياسة، غير أن ما أقوله في هذا الإطار، لا يأتي في”القالب” الذي يتعاطاه السياسيون، وإنما في سياق ما أكتب من أدب، وكسوداني لي بالطبع وجهة نظر اعبر عنها.
أنا أعمل دائماً كما يفعل (الكيني) ناغوغي و(النيجيري) اتشيب، على استنباط معنى الهوية نظراً إلى أن الدول، كما هو الأمر بالنسبة إلى الحياة، مختلطة ولا يمكن فرض نظام عليها يتجاوز نقطة معينة.
االعشق ليس ضرورة، لأنه يفقدني التوازن.
لا اتمنى جائزة “نوبل” لأن العرب متطفلون عليها.
اكتشفت خلال عملي الروائي أن الكثير مما نظنه جديداً هو قديم وموجود من قبل، نريد ان نخلق نظرة عقلانية هادئة في النظر إلى الأمور، نظرة مبنية على الثقة بأنفسنا، وبعضنا، واذا جاء عالم نفسي ودرس هذه الظاهرة، وكيف تطلق مثلاً كلمة الخيانة، فإن ذلك يشكل جزءاً من المخاض الفكري الحاصل في المنطقة.
من الناحية الواقعية، يستطيع أي متابع أن يلحظ مدى غزارة الانتاج الروائي في العالم العربي وخصوبته وتنوعه.
الأكاديميون يقسون مراراً على الأدب وعلى الرواية لأن معاييرهم في القياس، قد يكون فيها بعض الاجحاف، غير أن الحقيقة كما اؤمن بها أن النشاط الإبداعي العربي يعد نشاطاً رائعاً وأن ما أنجزته الرواية العربية في عمرها النسبي القصير، اذا قورن بالرواية في الغرب مثل أوروبا نجد أنه إنجاز ليس سهلاً بالقياس لظروفه وزمنه.
“عطاء المثقف مرهون بهامش حريته في التعبير”.
نسأل المولى أن يتغمد الراحل بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه..
وأن يرزقنا جميعا الصبر وحسن العزاء