عدد الرسائل : 186 العمر : 74 الموقع : Wherever ur not العمل : The Thief of Light المزاج : 4th Dimension الجامعة : SUST نقاط التميز : 6026 الخبرة : 0 تاريخ التسجيل : 25/12/2008
موضوع: عمر البشير في حوار صريح الخميس أبريل 30, 2009 12:00 am
فهمي هويدي يكتب: عمر البشير في حوار صريح [img][/img]
لقاء الرئيس السوداني عمر البشير فتح الشهية لطرح كم من الأسئلة بعدد المشكلات والتحديات التي يواجهها السودان، وبحجم اللغط المثار حول سياساته في الداخل والخارج.
حين التقيته كان وفد سوداني قد غادر الخرطوم إلى لاهاي لحضور جلسة إحدى المحاكم الدولية التي تنظر نزاعا مع الجنوبيين حول حدود منطقة أبيي الغنية بالنفط خاصة. وكان اثنان من المبعوثين الأميركيين قد أنهيا زيارتهما للسودان. سألته عن المهمتين فقال إن القضية المرفوعة في لاهاي أريد بها رفع الظلم عن الإقليم الشمالي الذي اقتُطعت مساحة واسعة من أرضه بغير حق وأدخلت ضمن حدود أبيي.. كان سوء النية واضحا في هذه العملية، ولم يكن أمامنا سوى أن نلجأ إلى التحكيم الدولي لحل ذلك الإشكال. أما فيما يخص المبعوثين الأميركيين فإن مهمتهما اقتصرت على أمرين: العلاقات الثنائية بين واشنطن والخرطوم، المجمدة والمسكونة بالتوتر، وموضوع المنظمات الإغاثية التي قررنا طردها من السودان بسبب أنشطتها المريبة والمعادية في دارفور (وهي 13 منظمة).
- لم يتطرقا إلى القرار الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية؟
- لم يتحدثا في هذا الموضوع، لكننا فهمنا أن التعامل "الإيجابي" مع النقطتين اللتين جاءا لبحثهما من شأنه أن يوفر أجواء أفضل لتهدئة الضجة في آثارها. سألته عن نتائج الزيارتين فقال إن النتائج لم تظهر بعد، ولكن المقدمات تعطي انطباعا مريحا نسبيا، ففي ما يخص المنظمات فإننا تمسكنا بقرارنا بإبعادها، لأن لدينا أدلة قوية تثبت تآمرها ضدنا وانتسابها إلى قوى الضغط الصهيونية. ولكننا كحل وسط لم نمانع في استقبال بدائل عن المنظمات الأميركية التي طردت (عددها أربع والباقي منظمات أوروبية). أما فيما يخص العلاقات الثنائية، فإن إعادتها إلى مسارها الطبيعي يتطلب وقتا لم تتضح معالمه بعد.
استطرد الرئيس البشير قائلا إن السودان لديه خبرة طويلة مع المبعوثين الأميركيين، أكثرها غير مشجع، لأن المشكلة لا تكون في المبعوث القادم من واشنطن، وإنما في القوى الضاغطة على القرار السياسي هناك. وفي السابق استقبلنا زوارا أميركيين قالوا لنا كلاما طيبا هنا، وحين عادوا إلى بلادهم اضطروا إلى تغييره للحفاظ على مستقبلهم السياسي. وقد قلت لأحدهم مرة (اسمه السيناتور جون دانفورث) إن من المبعوثين من يأتي إلى السودان بينما يكون تقرير الزيارة مكتوبا سلفا، وجاءنا مبعوث آخر كان معاديا لنا، لكنه حين حاورنا اقتنع بكلامنا، وحين تحسن موقفه أعفي من منصبه.
سألته: هل هذا الشك ينسحب على المبعوثين الأخيرين؟
قال: ينبغي أن ننتظر حتى نقيم النتائج. لكن ما نستطيع أن نقوله إنهما تحدثا بروح إيجابية، وجدناها تعبيرا عن الخطاب المتصالح والمنفتح الذي تقدمه الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
(٣)
س: هل هناك علاقة بين تأجيل الانتخابات العامة إلى فبراير/شباط المقبل وبين التخوف من انفصال الجنوب في استفتاء عام 2011؟
ج: لا علاقة بين الأمرين، فالتأجيل سببه أن ترتيبات إجراء الانتخابات الخاصة بالدوائر لم تتم، إضافة إلى أن نتائج التعداد السكاني لم ترض عنها حكومة الجنوب التي تصر على أن تكون نسبة الجنوبيين 33%، في حين أن المسح الذي أشرفت عليه الولايات الجنوبية بيّن أن نسبتهم 21% فقط. ثم إننا لسنا قلقين من نتائج الاستفتاء الذي ارتضينا أن نحتكم إليه في الاتفاق الموقع معهم. وحتى الآن فهناك 40% من الجنوبيين يريدون البقاء في إطار الدولة الواحدة. وهذه النسبة تتزايد، خصوصا في ظل الصراعات الحاصلة بين القبائل الجنوبية التي يرفض بعضها الخضوع لسلطان الحركة الشعبية. وهذه الصراعات لم تتوقف طيلة السنوات الأخيرة، وأحدثها ما وقع في جونقلي قبل أيام وأدى إلى مقتل 300 شخص على الأقل.
س: من أين تأتى الجماعات المتمردة في دارفور بالسلاح؟
ج: هم يحصلون على سلاحهم من تشاد بحكم الصلات القبلية، وتشاد تحصل على السلاح من ليبيا. وقد تحدثنا مع الليبيين بهذا الخصوص، فكان ردهم أنهم يقدمون السلاح إلى الحكومة التشادية وليس إلى المتمردين.
س: لماذا لم تعلنوا عن الغارات التي شنت ضد قوافل تهريب السلاح حين وقعت في فبراير/شباط الماضي؟
ج: السبب أن أجهزتنا كانت تريد أن تتحقق من مصدر الغارتين ولم تتوصل إلى شيء، إلى أن أعلنت إسرائيل عن دورها في ذلك.
س: هل كانت الحكومة السودانية على علم بعمليات التهريب؟
ج: السودان مفتوح على تسع دول ويتعذر ضبط حدوده تماما. وإذا كانت الولايات المتحدة عاجزة عن ضبط حدودها مع المكسيك، فنحن نعذر إذا لم ننجح في إحكام الرقابة على الحدود، ونحن نعلم أن قبيلة الرشايدة المنتشرة في إريتريا والسودان ومصر تقوم بتهريب كل شيء عبر الحدود من الطعام إلى البشر والجمال مرورا بالسلاح. وقد علمنا من إخواننا في مصر أن ثمة سلاحا يتم تهريبه عبر الصحراء، لكننا لم نستطع أن نوقفه.
س: إلى أي مدى تأثر السودان بالأزمة الاقتصادية العالمية؟ ج: تأثرنا ليس كبيرا، فهو مقصور على عوائد النفط الذي انخفضت أسعاره ويشكل 40% من موارد الميزانية. ولكن ذلك لم يعطل شيئا في مشروعاتنا للتنمية، فقد ساعدتنا ظروف كثيرة على إنجاز الكثير من مشروعات البنية الأساسية، خاصة سد مروي وشبكة الطرق والجسور التي ربطت بين ضفتي النيل، وأصبح لدينا وفرة في الطاقة مكنتنا من توصيل الكهرباء إلى أنحاء السودان، وكانت النتيجة أن السودان أصبح ترتيبه السادس بين الدول العشر الأسرع نموا في العالم.
س: ما مدى ما يقال من أن السودان أصبح منطقة جذب للاستثمارات الخارجية بعدما كان طاردا لها؟
ج: هذا الكلام صحيح ولابد أن نعترف بالفضل في ذلك لجهتين: الصناديق العربية التي مولت العديد من المشروعات الكبيرة في السودان، والصين والدول الآسيوية الأخرى التي قدمت لنا خبرات ومعونات ساعدتنا على النهوض بالواقع السوداني. ذلك أننا بعد ما حاربتنا الدول الغربية، فتحنا أبوابنا للصينيين ودعونا الماليزيين وجاءنا الهنود والباكستانيون والكوريون، حتى أصبحنا الدولة العربية الوحيدة التي انفتحت على الشرق.
س: ما مدى صحة ما قاله وزير الزراعة في الحكومة الزبير بشير من أن الأميركيين طلبوا من السودان عدم التوسع في زراعة القمح ليظلوا وحدهم الممسكين بهذا الملف؟
ج: ليست لدينا أوراق رسمية تثبت ذلك، لكنني لا أستبعده، لأنهم فعلوا نفس الشيء أثناء حكم الرئيس عبود، حيث أعطونا القمح والدقيق مجانا وطلبوا منا ألا نزرع القمح في الولاية الشمالية.
(٤)
سألته عن رأيه فيما يقال عن فتور العلاقات مع مصر بسبب حضوره قمة الدوحة التي سعت مصر لمنع عقدها ولأن القاهرة دعت إلى عقد مؤتمر دولي لأجل دارفور دون علم الخرطوم أو استشارتها. فقال إن العلاقات مع مصر ليست فاترة وليست حميمة، لكنها إيجابية مع ذلك، والتفاهم والفهم المتبادل قائم بين البلدين وذلك هو الأهم. وبالمناسبة فإن السودان كان أول من دعا إلى عقد القمة بعد بدء العدوان على غزة، وقد اتصلت هاتفيا بالرئيس بشار الأسد لهذا الهدف، ولذلك فإن قطر حين عرضت استضافة القمة فإننا كنا في مقدمة الملبين.تطرق الحديث إلى مبادرة السلام العربية، فقال الرئيس البشير إنه من أنصار سحبها لأنها لم ولن تؤدي إلى شيء، وأنه أبلغ الرؤساء العرب بذلك في أحد الاجتماعات المغلقة، ولولا حرص الخرطوم على عدم شق الصف العربي لكان لها موقف آخر.
قلت: هل تعتبر السودان من دول الممانعة أم دول الاعتدال؟ فكان رده: لا تنس أن السودان دولة "اللاءات" التي أعلنت في قمة الخرطوم بعد هزيمة 1967 (لاتفاوض ولا صلح ولا اعتراف)، وهو ما زال على ذلك العهد إلى الآن، ولذلك فهو يقف مع المقاومة على طول الخط.
قلت: ما رأيك في الأزمة الحاصلة الآن بين مصر وحزب الله؟
قال: نحن نثق في حزب الله وقيادته ونعتبره مقاومة شريفة جديرة بالحفاوة والتقدير، ونعرف أنه لم يمارس أي أنشطة ضد أي دولة عربية أو غير عربية، ونأمل احتواء الأزمة بأسرع ما يمكن حتى لا ينصرف الاهتمام عن إسرائيل التي تمثل العدو الأساسي والأول للدول العربية.
سألته وأنا أهم بالمغادرة: هل في السودان معتقلون سياسيون؟ فقال: إن الدكتور حسن الترابي كان آخر المعتقلين وقد أطلق سراحه. قلت: ما رأيك في موقفه المؤيد لقرار المحكمة الجنائية؟ قال: إن الترابي عزل نفسه عن الإجماع الوطني منذ استسلم لأحقاده الشخصية وتراجعت لديه أولوية المصالح العليا للوطن. المصدر: الجزيرة